أولوية الترشيد.. كتبت : د / سلوي محمد علي
أصبح دون جدال فرض أمر ترشيد الإنفاق و تقليل قدر الإمكان المصروفات الأساسية لكل منا ..اذا كان مازال فردا أو ضمن منظومة أسرة و لم يصبح رب أسرة جديدة حتي الآن ، أو دولة بكل جهاتها ووزاراتها و هيئاتها و قطاعها العام أو الخاص ، فلنضع في الاعتبار كافة المتغيرات التي إلحقت بنا منذ عدة سنوات تاثرنا بها و أثرت فيها الي حد عميق ، فنجد أزمة كورونا وحرب روسيا و أوكرانيا وتعويم الجنيه في مواجهة شراسة العملة الصعبة ، وأخيرا الغزو الغاشم في إبادة شعب غزة ، و ما تبعه من آثار كبيرة أدت إلي إستخدام مراكز القوة في الضغط علي القيادة السياسية المصرية لفرض فكرة التهجير القسري الفلسطينين وتبعات و مردود الرفض الوطني الشجاع الأبي لهذا المنهج المشوه الي المعاقبة بوقف توريد الغاز إلينا ، و الأبواق النارية التي ترسم من وحي خيالها المريض مستقبل و حدود الدولة المصرية .
كل هذه المتغيرات أدت إلي ضرورة توجه الدولة لتطبيق سياسة الترشيد و رفع الدعم التدريجي حتي يستوعب المواطن ضرورة التحكم في إستخداماته حتي لا يصطدم بالكلفة الحقيقية لما يتم خسارته من إستنزاف للموارد أو من خدمات سواء إستهلاك الماء و الغاز و الكهرباء و كافة وسائل الطاقة و البترول علي حد سواء .
علي الصعيد الآخر نجد أن إرتفاع الأسعار وجشع التجار المتزايد و التي تحاول أجهزة الوزارات المعنية بهذا الأمر السيطرة عليه و زيادة منافذ بيع المنتجات الرئيسية و التنفيذ الفوري لعقوبات لمن تسول له نفسه المساس بالأمن الغذائي الذي يمثل ركيزة أساسية في الأمن القومي .. و لكن لأن مخرجات إنتاجنا ضئيلة جدا مقارنة بالنمو السكاني المتزايد و نسبة للإحتياجات الضرورية المطلوبة مما يؤثر علي إقتصادياتنا ، و نضطر لتعويض ذلك بأننا نستورد أغلب إحتياجاتنا من السلع و المواد البترولية و غيرها ، مما أضاع حلم التمتع بحياة كريمة .. تحقيقا لهدف من الأهداف الاستراتيجية للدولة المصرية في الحفاظ علينا في العيش بكرامة و دون إنتقاص من حقوقنا المشروعة في سبل الحياة .
وجب الآن تنفيذ سياسات الترشيد كأولوية حتمية في حياتنا .. فوجب التحكم في إستهلاكنا السلعي و الخدمي و البترولي قدر المستطاع ..و علي سبيل الأفكار .. تطبق فكرة إستيعاب سيارة واحدة لعدد من المستخدمين لنفس الاتجاه في تبادل للمنفعة لجميع الأطراف و عدم إستهلاك الوسيلة او كميات إضافية من المنتجات البترولية .. أو يقنن الإستهلاك الشهري لكل سيارة حسب الموديل و إحتياج كل شخص ، و سهولة تطبيق ذلك بإستخدام تطبيقات تكنولوجيا التحول الرقمي و تسجيل البيانات علي كارت ذكي يسجل كمية الاستهلاك حتي إتمام كمية الإتاحة بما لا يتعارض مع إحتياجات الأشخاص .
و تطبق مثل هذه الأفكار علي باقي السلع التي نضطر لإستيرادها بالعملة الصعبة ، وجب علي كل فرد و بيت مصري وطني المساعدة في فرض أساليب الترشيد المختلفة ..و ليبدأ كل منا بنفسه من الآن حتي تنتشر فكرتنا و تصبح منظومة متكاملة تكمل كل منها الآخر .
كاتبة المقال .. مدير مكتب موقع وجريدة العدد الاول بمحافظة الجيزة و مدير عام مساعد بقطاع البترول و عضو الاتحاد العربي للعمل الإنساني و التنمية المستدامة التابع لجامعة الدول العربية و سفيرة المناخ.
تعليقات
إرسال تعليق