القائمة الرئيسية

الصفحات

محمد حسن عيسي يكتب: إدارة عموم الزير.. بتروسبورت وصيانكو نموذجٌ بدأ إنقاذه

قرأت منذ أسبوع، إحدى روائع المؤرخ الكبير حسين مؤنس «إدارة عموم الزير»، أعادت في مخيلتي الوضع الذي كان قائما في شركتين من شركات القطاع «بتروسبورت وصيانكو»، قبل أن تتدخل يد الجراح الماهر، وتُحدث ما حدث بهما الآن، أو إن صح القول تحاول أن تُحدث شيئًا، في ظل وضعٍ صعبٍ زادته الأيام ترهلا وشدة.

كان أحد الولاة يسير ومعه رجاله في يومٍ قائظ، حين رأى «الناس تنحدر في سيل إلى النهر فيشربون الماء، ولاحظ المشقة التي يعانونها من أجل أن يشربوا، فنظر إلى أحد وزرائه، وقال : أرى الناس يقاسون من العطش. ألم تفكر في شيء يخفف عنهم مشقة النزول إلى النهر من أجل شربة ماء؟ “. 

اقترح الوزير أن ينشئوا صهريجا أو حوض ماء، فرأى الوالي بأن الناس ستموت عطشا قبل أن يتم البناء، فطلب من صابر «أحد حراسه» أن يشتري زيرًا، وأن يغسله ويعبئه بالماء النظيف باستمرار، وطلب من الوزير أن يشرف على شراء الزير ومستلزماته. 

وتمر الأيام ليسأل في يوم الوالي الوزير عن الزير، فأجاب الوزير : إنها فكرة عبقرية، لقد طورناها وعدلناها، وحين سأل الوالي عن التطوير والفكرة هي فقط زير وغطاء وماء وكوز.. أجاب الوزير : بعد مدة وجدنا الإقبال على الزير يزداد واستعذب الناس شرب الماء من الزير… فقررت تحويله إلى مرفق عام شعبي…

وهكذا، ومن أجل الزير، تم إنشاء إدارة، ” فالدولة لن تدع مالها وممتلكاتها سائبة، وما دام للدولة مبنى لا بد من موظفين وإدارة مالية “. وهكذا تم فتح اعتماد مالي لمأمورية الزير، ووضعت خزانة للنقود “أودعناها سلفة، لأن الزير قد ينكسر، والغطاء يتلف والكوز يضيع “.

 ويكمل الوزير بأنهم أنشأوا أربع إدارات فرعية، إدارة للفخار، وإدارة للحديد، وإدارة للخشب وإدارة للصفيح.. وتساءل الوالي : والماء أليس له إدارة؟ ويستطرد الوزير بأنه أمر بإنشاء مبنى بكلفة مائة ألف دينار من أجل إدارة عموم الزير، لأن إدارة عموم الزير مرفق خدمات، الاعتبار الأول لما يؤديه للأمة من نفع.

 ويكمل بأن إدارة عموم الزير على اتصال مع مختلف دوائر الدولة، ومع وزارة الأشغال والخزانة والاقتصاد والخارجية والداخلية.. وكان الوالي يقاطعه بين الفينة والأخرى متسائلا عن الماء.. الماء. وحين استفسر عن دور وزارة الخارجية، أجاب الوزير : من أجل المشاركة في المؤتمرات، لأن إدارة عموم الزير أصبح لها شهرة عالمية، ومديرها يحضر مؤتمرات في باريس ولندن ونيويورك.. تساءل الوالي : وهل يوجد في الدول الأخرى إدارات لعموم الزير، أجاب الوزير : لا يا سيدنا، نحن نفتخر بتجربتنا الرائدة.

وقام الوالي بزيارة إدارة عموم الزير. وكانت المفاجأة الصادمة حين شاهد المبنى الفخم الشاهق كتب على مدخله ” إدارة عموم الزير “، أناس يدخلون ويخرجون، خلية نحل من الموظفين والسكرتيرات والفراشين ومدراء الخشب والحديد والفخار، وملفات وأوراق وصواني شاي وقهوة، وموظفين يقرؤون الجرائد ومجلات ملونة للسكرتيرات و… و… والمدير العام في بودابست يحضر مؤتمرا، وانتقل الوالي في كل الأقسام وطلب في النهاية أن يرى الزير، نزل إلى الطابق الأرضي المغبر، قالوا إن الزير تم نقله إلى الورشة الأميرية لإصلاحه، لأنه انكسر منذ عامين، ثم أصدر الوالي حكمه على الوزير بأن يدفع رواتب الموظفين الذين عينهم من ماله الخاص، وإذا نفذ ماله فمن مال زوجته وأولاده وأقاربه الذين أكلوا المال العام سحتا في بطونهم “.

لا أحدَ ينكر أن شركتين بحجم صيانكو وبتروسبورت كان قرار إنشائهما ضربا من المجازفة وإثقالا لميزانية القطاع بلا عائد أو نفع ، وللأسف ظلت بتروسبوت في مهب الريح فترة طويلة، إلى أن انتبه إليها القائمون وأعادوا الأمور إلى نصابها، لكنها تحتاج بعضًا من الوقت، الأمر نفسه في صيانكو، الشركة التي أنشئت لغرض في نفس يعقوب، لكنها بدأت تتحسس طريقها إلى الصواب، بشيءٍ من الدعم وحسن التفكير. 

مؤخرا تم اعتماد جمعية بتروسبورت، واستعرض اللواء ايمن فاروق رئيس الشركة نتائج اعمال الشركة ، حيث استطاعوا زيادة إيرادات الشركة بنسبة 70 % حيث وصلت لـ 285 مليون بدلا من 165 جنيها، والمصروفات لـم تزد عن 10 % عن العام السابق وانخفضت خسائر الشركة عن العام الماضي بنسبة 67 % حيث وصلت لـ  40 مليون بدلا من 123 مليون جنيه العام الماضي. 

تعليقات

أسس شركتك في الإمارات.. إقامة مجانية مع رخصة تجارية في الإمارات.. تعرف على التفاصيل وابدأ مشروعك